Unpublished Translation

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 


 

ستون عاما على نهاية الحرب العالمية الثانية:

التحوّل الفرنسي نحو المصالحة مع ألمانيا

"تورغاور تسايتنغ" السويسرية
بقلم: كريستوفر فيدمر
ترجمة: جواد الساعدي


بدءاً من عام 1947 أخذت سياسة الإحتلال الفرنسي تجاه ألمانيا منحىً نحو التسوية والمصالحة، وقد أثبتت تلك السياسة صحتها كحجر أساس للسلام.
لعبت فرنسا شارل ديغول في الأشهر الأخيرة من الحرب العالمية الثانية دوراً قوياً وصلبا،ً وفي نهاية الحرب طالبت البلاد المحررة للتو من الإحتلال النازي، بفضل الحلفاء، بوضع قوة حربية حليفة مستقلة وإدارة منطقة محتلة خاصة في ألمانيا.
وخلافاً لخطط شركائها الحلفاء إحتلت فرنسا الى جانب إقليم الراين أقاليم واسعة في جنوب غرب ألمانيا، بما في ذلك مدينتي كارلسروهه وشتوتغارت. وهكذا وضع شارل ديغول الحلفاء أمام حقائق جاهزة.
بعد شهرين من نهاية الحرب تقاسمت فرنسا والولايات المتحدة الأميركية السيطرة بينهما على جنوب ألمانيا، وبسبب الإستعجال الفرنسي لم يراعَ في التقسيم التواصل التاريخي بين الأقاليم بحيث إخترق الحد الفاصل بين منطقتي الإحتلال ولايتي بادن وفورتمبرغ بالعرض وقسمهما الى شمال وقع تحت السيطرة الأميركية وجنوب تحت السيطرة الفرنسية. فرنسا إضطرت للتنازل عن شتوتغارت وكارلسروهه فحصلت مقابل ذلك على قطاع يقع بمحاذاة الراين وبحيرة بودن سي وصولاً الى فورآلبرج والتيرول.

في منطقة احتلالهم اسس الأميركيون على الفور ولاية فوتمبرغ بادن، أما الفرنسيون فأسسوا ولايتين جديدتين هما: "سود بادن" و"فوتمبرغ-هوهن زولرن".
كانت سياسة الإحتلال الفرنسي في المانيا محكومةً في السنوات الأولى بتصور قديم مفاده وجوب الحفاظ على ألمانيا، العدو التقليدي اللدود، ضعيفةً، كي لا ينطلق منها أي خطر نحو فرنسا، وذلك أمر لا يتحقق إلاّ بتجزئتها وتفكيك صناعاتها المهمة. وقد كان شعار ديغول "لا دولة مركزية في ألمانيا بعد اليوم".

"النهب الإستعماري"

هذا الموقف المتشدد إتضح وتجلى في سياسة المحتل حيث بدا في عيون الألمان المعاصرين للإحتلال أن الفرنسيين نهبوا مناطقهم إقتصادياً. غضب الألمان في تلك المناطق اشتعل قبل كل شيء بسبب قطع أشجار الغابات واسع النطاق وتفكيك المؤسسات الصناعية، لكن صورة "النهب الإستعماري" هذه صححتها الكتابة الجديدة للتاريخ، وقد ثبت انه لولا توريد المساعدات من سلطة الإحتلال لكانت الحالة التموينية للسكان بعد الحرب هناك أكثر كارثية.

سلطة الإحتلال الأضعف

في خضم سياسة "التشظية" حاولت سلطة الإحتلال الفرنسي في بداية الأمر عزل الأقاليم الألمانية التي تقع تحت إدارتها الواحدة عن الأخرى سياسياً، كما رفضت قيام أي تعاون بين هذه المناطق عبر الحدود. ونتيجة للخوف من قيام دولة ألمانية مركزية لم تتبع فرنسا خطوة الإحتلال البريطاني والأميركي في دمج المناطق الواقعة تحت سيطرتهما عام 1947. كانت باريس تخشى ان تكون المنطقة الجديدة بإدارتها المدنية نواة لدولة ألمانية جديدة، وذلك ما أثبت صحته.
ونظراً للخطوة الأميركية البريطانية في دمج المناطق تأكد لفرنسا أن إستراتيجية تجزئة ألمانيا لا تلقى تأييداً لدى شركائها المتحالفين، لكن التحوّل الجديد في سياسة الإحتلال الفرنسي عام 1947 كان له أسباب سياسية أخرى، ففرنسا كأضعف سلطة بين سلطات الإحتلال الأربعة كان عليها ان تعالج مشاكل كبرى في منطقتي سود بادن، التي تعاني من دمار كبير في الحرب، وفي فوتمبرغ-هوهن زولرن ذات الإقتصاد الزراعي، والتي لم تكن تمتلك مقومات القدرة على الحياة كولاية مستقلة.

التوحيد بدلاً من التجزئة

هذه الظروف الإلزامية مهدت الطريق أمام سياسة فرنسية جديدة للأمن القومي، فالوصول إلى هدف تحييد قوة ألمانيا منذ الآن لا ينبغي ان يكون عبر التجزئة، بل عبر الدمقرطة والتفاهم بين الشعوب وربطها بمنظومات شراكة أهلية، لكن باريس تمسكت بهدفها القاضي بعدم السماح لألمانيا أن تكون مرّة أخرى دولة مركزية ورأت أنه في إطار الدولة الإتحادية المفترضة ينبغي ان تكون الولايات قدر الإمكان قوية.
وبناءً عليه شكلت فرنسا في المناطق الخاضعة لإحتلالها ولاية راين لاند-فلاز من جهة ومن جهة ثانية أيدت تشكيل ولاية قوية في الجنوب الغربي توحد ولايتي بادن وفورتمبرغ، لذلك فان تشكيل هذه الولاية الجديدة عام 1952 لم يظهر على انه محكومٌ بخلفية الطموحات الألمانية، بل بالتحوّل في سياسة فرنسا تجاه ألمانيا.
أمّا سياسة ربط ألمانيا بشراكات فقد وجدت مستقرها عام 1952 في تأسيس الجماعة الأوروبية للفحم والصلب التي تطورت الى المجموعة الأوروبية وصولاً الى الإتحاد الأوروبي. وبهذا يمكن القول ان سياسة فرنسا التصالحية تجاه ألمانيا شكلت حجر الأساس لأطول فترة سلام في أوروبا.

 

 

 

Home  
About him  
Deklaration  
Translation  
Articles
Poetry  
Drama  
News  
Contact  
   
   
 

 

 

 

 

 
 

Copyright©2009-2022 all rights reserved. Designed and created by Jawad El-Saidi