|
|
ألأيـــــــــــــام
القـــــــاتلة أماكن الإرهاب - قصة المعسكرات الفاشية
نَويَز دويتشلاند (ألمانيا الجديدة)
بقلم:
رافائيلا كولا ترجمة: جواد الساعدي
ليس معروفاً
كم هي أنواع معسكرات الإعتقال النازية التي كانت موجودة
على الأرض الألمانية من حيث الوظيفة ومن حيث اللوائح
والأنظمة المستخدمة فيها. في بولونيا تم التحقق من وجود
5877 معسكر وموقع إعتقال لسلطة الإحتلال النازية، وذلك
بناءً على ما ورد في المجلد الأول من الكتاب الذي نشرته
بسبعة أجزاء بربارة ديتسل، مديرة الموقع التذكاري في
"داخاو"-حيث كان أكبر المعتقلات النازية في المانيا-
و"فولفغانغ بنز" مدير "مركز بحوث معاداة السامية" في
برلين، والذي صدر هذا العام عن دار "بيك" للنشر في ميونخ
وحمل عنوان " أماكن الأرهاب- قصة المعسكرات الفاشية"
كانت توجد في عهد الدكتاتور النازي معسكرات مختلفة منها،
معسكرات لتأديب العمال والموظفين المقصرين في أداء
أعمالهم، معسكرات للموقوفين لدى الشرطة، معسكرات مؤقتة
لتجميع وتسجيل وتوزيع أسرى الحرب، معسكرات دائمة لأسرى
الحرب، معسكرات العمل الإجباري ومعسكرات الإبادة الجماعية.
ولم يشتهر من هذه المعسكرات سوى الكبير منها مثل أوشفتز،
بوخنفالد، داخاو و برغن- بلسن التي كانت رموزاً لمعسكرات
الإبادة، أما مواقع القتل التي انشئت خلال حملة رينهارد في
بولونيا المحتلة، مثل بيلزيك، سوبيبور او تريبلنكا التي
أعدم فيها بواسطة غرف الغاز بين حزيران 1942 وأوكتوبر 1943
حوالي 250000 شخصاً جلّهم من اليهود، فانها- هذه المواقع-
قلما نالت اهتمام الرأي العام. الكتاب الذي صدر هذا العام
في ميونخ عن دار النشر "بيك" يسلط الضوء على هذه
المعسكرات. البعض يؤكد انه في البدء لم يكن هناك
نموذجاً محدداً لنوعية معسكر الإعتقال، فبعد حريق البرلمان
الألماني أقيمت معسكرات في مناطق مختلفة، وبرغم كون هذه
المعسكرات خضعت لظروف إعتقال متشابهة وكانت لهدف واحد هو
معاقبة و"تأديب" الأهالي وإخافتهم، إلاّ أنه لم يكن أي
منها يختص بمهام معينة. في عام 1936 وضعت المعتقلات تحت
إشراف قوات الحماية الخاصة "أس أس" وجرى تنظيمها لتستوعب
عدة آلاف من السجناء ولفترات طويلة. وظيفة المعتقلات
تغيرت مع إزدياد المجموعات البشرية التي صنفها النازيون
على انها غير مرغوبة، وهي مجموعات الخصوم السياسيين
واليهود والغجر والشاذين جنسياً وكل ما ارتؤي بأنه "خارج
عن المجتمع" . المؤرخ البروفيسور "كورت بتزولد" يصف لنا
"مجتمع المعتقلين" في المعسكرات: "كان يوجد سيطرة وخضوع،
عمل وإستغلال، تنظيم موجّه وتلقائية، نظام وفوضى، إمتيازات
وعقوبات، جوع وشبع، جرائم رشوة وفساد ووشاية، كان هناك
سرقات وإصابات جسدية أو ضرب حتى الموت. ولكن أيضاً كان
هنالك تعاون متبادل وتضامن ومقاومة". البروفيسور
"بتزولد" يوضح بأنه حتى "شاويش" المعسكر الذي تعينه السلطة
النازية يُسلّم أحياناً كبقية السجناء الى قوات الحماية
الخاصة "أس أس" ويعامل دون رحمة. فهؤلاء "المخاتير" دورهم
مزدوج وموزّع، لكنهم تمكنوا على الأقل، وبالتعاون مع هيئات
سرية مقاومة في بعض المعسكرات، من تأمين حماية بعض
الأفراد، إن لم يكن بعض المجموعات من المعتقلين. أمّا في
المرحلة الأخيرة من الحرب وعند إقتراب نهايتها فقد تمكنوا
من إنقاذ حياة العديد ممن كان محكوم عليهم بالموت.
بربارة ديتسل تناولت موضوع النساء في المعسكرات سواء
الضحايا منهن أو المجرمات النازيات. فحول النساء المعتقلات
كتبت تقول: "بالرغم من أنهن مصنفات ككائنات لا تصلح
للتزاوج فإنهن تعرضن كثيراً لاعتداءات جنسية من جانب
الحرّاس". نعم، حتى أن الكثير من النساء كنّ يشعرن بأن
إجراءات الدخول الى المعتقل هي بمثابة إعتداء جنسي، حيث لا
تفرّق هذه الإجراءات بين رجل وإمرأة: خلع كافة الملابس حتى
آخر قطعة، قص شعر الرأس وإزالة الشعر من بقية مناطق الجسم.
أمّا إجبار المعتقلات على ممارسة الدعارة الذي شكّل
كابوساً للناجيات طوال حياتهن ولم يستطعن التحدث عنه بعد
عام 1945 خوفاً من أي وصمة إجتماعية، فلم تناقشه للأسف
بربارة ديتسل. أجزاء أخرى من الكتاب تناولت التجارب
الطبية التي أجريت على المعتقلين، مهندسي المعسكرات، ورش
القتل، الفن في المعسكرات، والألم والبؤس الذي كان يعاني
منه المعتقلون أثناء مسيرات الموت. أحد فصول الكتاب
خُصص للتقارير الصادرة عن المعسكرات. وفي مادة أخرى أشير
بالإتهام الى القصور في المراجعة القانونية للجرائم التي
ارتكبت في المعسكرات الفاشية. مواد الكتاب حصيلة بحث
علمي حديث وتناقش الكثير من الأسئلة المفتوحة وتعطي دفعاً
لمناقشات ومعالجات أخرى.
|
|
|