Unpublished Translation

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 


 

"زمن للحياة وزمن للموت" لريمارك

الرواية المعدّلة

نَويَز دويتشلاند (ألمانيا الجديدة)

بقلم: كلاوس بللين
ترجمة: جواد الساعدي

في نهاية عام 1951 أخرج أريش ماريا ريمارك المخطوطة التي بدأ بكتابتها في الولايات المتحدة الأميركية ثم نحاها جانباً ليكتب روايته عن المعتقلات النازية "شرارة الحياة"
لقد عقد العزم على ان يكتب رواية أخرى عن الحرب، رواية كرواية "كل شي هادىء في الميدان الغربي" تطلق صرخة تحذير من حريق عالمي جديد.
منذ عام 1948 يقيم ريمارك في كانتون تسين السويسري الرائع، والبعيد جداً عن المانيا وعن مسقط رأسه في أوسنابروك، وذلك بعد ثماني سنوات قضاها منفياً في الولايات المتحدة الأميركية. من هناك كان ينظر الي ما يجري في المانيا بفزع: النازيون القدامى ما زالوا يتربعون على مقاعدهم الوثيرة، بينما ضحاياهم، السجناء والمعتقلون السابقون، يتعرضون لإستجواب قاسٍ أمام المحاكم. كان لديه اطلاع وافٍ، فقد تحدث بشكل مستفيض مع الكثير من المعتقلين السابقين الذين نجوا من معتقلات الموت النازية.
"ان التريث والتباطؤ في استئصال المجرمين النازيين يزعجني جداً" قال في إحدى المقابلات الصحفية التي أجريت معه، ولم يبدِ أي ميل على الإطلاق للقبول بـ "القاذورات القديمة".
لقد كان الوضع العالمي متأزماً جداً عندما أنهى ريمارك روايته "زمن للحياة وزمن للموت" أراد ان يتحدث عن الجرائم التي ارتكبها الألمان في الحرب وعن العجز والضياع والمسؤولية والفشل، فافتتح روايته بنظرة على قتلى احدى القرى التي كانت ميداناً للمعارك والذين ظهرت جثثهم للعيان بعد ذوبان الثلوج. روس، في كل مكان قتلى روس، فهنا في هذه القرية تتمركز السرية التي ينتمي اليها بطل الرواية "غريبر" والتي صدرت اليها الاوامر بتصفية الفدائيين.
شتاينبرينر، مسؤول القوات الخاصة، رجل سادي وضع كل جهده لتنفيذ الأوامر بشكل جذري. عناصره من القوات الخاصة يشاركونه في ذلك ولا أحد يتراجع منهم: "الأوامر هي الأوامر" كما قال أحد الجنود. "غريبر" قبل هذه الكلمات مستسلماً طائعاً، لا يعرف ماذا يفعل، لكن الأسئلة كانت تتزاحم في رأسه، فستالينغراد سقطت منذ مدة طويلة، والقوات الألمانية في حالة انسحاب وتنشر الإرهاب في المناطق المنهكة.
في منتصف الرواية يصف ريمارك بأي سرعة وقوة عادت المعارك إلى داخل ألمانيا. في هذه الأثناء يحصل بطل الرواية على إجازة فيتوجه إلى مسقط رأسه ليقع هناك في جحيم آخر وفي فوضى مدينة تسير نحو الموت بعد أن زرع فيها القصف الليلي الخراب.
"غريبر" لا زال لا يعرف ماذا يفعل كما أسرّ لمعلمه السابق في درس الدين، شيء واحد اصبح أمامه الآن واضحاً: إنه ينتمي إلى جيل كتبت عليه اللعنة: "لا نستطيع الذهاب إلى أي مكان، نحن أسرى، ملعونون ومهمشون".
وفي الختام وهو عائد الى الجبهة صمم "غريبر" وهو في قمة الغضب والحيرة المؤلمة ان ينتصر على الضياع، فتمرد على "شتاينبرينر" وأطلق سراح الفدائيين الأسرى، وعندما صوب "شتاينبرينر" المسدس نحوه، ردّ عليه "غريبر" بإطلاق النار من مسدسه فأصابه، لكن "غريبر" نفسه سقط قتيلاً برصاص أحد الروس.
"زمن للحياة وزمن للموت" أكثر إلتباساً ويأساً من "كل شيء هادىء في الميدان الغربي".
هذه الرواية صدرت عام 1954 عن دار "كيبنهوير &فيتش" في كولونيا.
في ذلك الحين لم يصاحب صدورها أي فضيحة، رغم ذلك فان القلق كان كبيراً بما فيه الكفاية. الرواية لم تكن مناسبة لذلك الوقت. القوتان العظميان تتواجهان مع بعضهما والأيادي على الزناد. الحرب الباردة تخيّم على العالم ومن لا ينحاز الى افتراءات الشرق يضع نفسه موضع الشبهات. ريمارك، وهو على الإطلاق ليس من أنصار الأفكار الإشتراكية أو السيطرة الشيوعية، صوّر الإتحاد السوفياتي كضحية نازفة ومنهكة لغزو مجرم.
ربما لم يصطدم ريمارك بذلك إلاّ حينما أخبره ناشره الألماني الغربي "جوزيف كاسبار فيتش" بأن دار النشر وجدت اجزاءً كاملة من الرواية غير ملائمة" لذلك جرى الإتفاق على إجراء بعض التصحيحات في الرواية التي انصبت المآخذ على بدايتها وعلى خاتمتها خصوصاً.
كتب الناشر "فيتش": "شخصية شتاينبرينر، هكذا كما وصفت، ليس لها مكان في الأوضاع السائدة آنذاك".
ليس هذا وحده فقط: "اعتراض آخر يوجه نحو شخصية الشيوعي"إمّرمان" الذي نراه من بين الكل هو الوحيد الذي كانت لديه الأمور واضحة منذ البدء".
لكن الرواية بالطبع تتعلق بعرض جرائم الحرب الألمانية في الجبهة الشرقية، ففي مذكراته كتب ريمارك بعد بضعة أشهر: "المسؤولية توضع جانباً في ألمانيا ولا تدرك أبداً" وأضاف: "الألمان أسخياء جداً في نسيان جرائمهم" وختم: "هؤلاء الناس في دار النشر يريدون ان يرفعوا من مكانة الجيش الألماني".
لكن الرواية عندما خرجت من المطبعة اختفت منها تماماً شخصية الشيوعي "إمّرمان"، لقد أصبح اشتراكياً ديمقراطياً. أمّا المواقع الأخرى "المتهمة" في الرواية فقد شطبت.
هذه العمليات الجراحية التي اكتشفت ونشرت بالمقارنة مع الطبعتين الدنماركية والنرويجية، أثارت الكثير من الغبار. الكاتب الألماني "فايسكوبف" كتب عام 1955 مقالاً تحدث فيه عن "اخصاء ريمارك".
"فايسكوبف" حمّل الذنب أيضاً لـ "ريمارك" فيما يتعلق بالصيغة المنقحة سياسياً "لأنه قبل بتزوير النص الأصلي للرواية".
في الواقع، فإن "ريمارك" تقبل التغييرات الكبيرة في كتابه، والتي أجريت دون إعلامه بها، بمرارة وإكتئاب. لقد صمت. وأكثر من ذلك فإنه عندما سعى الناشر الألماني الشرقي "فالتر جانكا" ليصل إلى المخطوطة الأصلية ويصدرها في طبعة عن دار "آوف باو" في المانيا الشرقية، أوعز "ريمارك" لناشره الغربي بوضوح ان يضع الملاحظة التالية على الرواية: "هذه الطبعة هي آخر صياغة وضعها الكاتب" ومع نظرة متجهة الى شرق برلين أضاف: "إحذروا أولئك الناس كثيراً".
"زمن للحياة وزمن للموت" صدرت عام 1957 بطبعة أخرى عن دار "آوف باو" في المانيا الشرقية بعد أن أخضعت للرقابة. وفي عام 1983 صدرت على شكل كتاب جيب. النص الأصلي الذي أعيد بناؤه بمشقة من قبل العاملين في أرشيف "ريمارك" بالمقارنة مع الترجمة الأميركية، طبع للمرة الأولى عام 1989. أمّا المخطوطة الأصلية فلم تعد موجودة أبداً.


 

 

 

Home  
About him  
Deklaration  
Translation  
Articles
Poetry  
Drama  
News  
Contact  
   
   
 

 

 

 

 

 
 

Copyright©2009-2022 all rights reserved. Designed and created by Jawad El-Saidi